كان "كايل ماينار" يحاول جاهدا الأ يخسر قضيته ضد شاب من مدينة الملاهى "سيكس فلاجز" و على مدار السنوات قام بتطوير مجموعة من وسائل الاقناع بداية من اثارة روح المرح و الدعابة وحتى استعراض اللعاب القوى كالقيام بعدد كبير من تمارين الضغط مثلا الا ان العامل المسئول عن تشغيل الالعاب فى مدينة الملاهى لم يتزحزح عن موقفه وكان من المستحيل ان يدع "كايل" يصعد الى لعبة قطار الملاهى لأنة عندما نظر اليه لم يرى فية نجما رياضيا او صبيا مؤهلا ومتوازنا من الناحية النفسية فكل ما رآه مجرد دعوى فضائية فى قائمة المدعى عليهم تماما اسفل اسم مدينة الملاهى رأى العامل اسمه مكتوبا بخط غير واضح لذا قال لـ "كايل" ليس هناك فرصة يا صاح .
هكذا شعر كايل بالاحراج أمام اصدقائه ولذا هجر المزاح و الفكاهة .
و امام مائتى متفرج عرض هذا التحدى " اذهب و ابحث عن اضخم شاب يعمل هنا فان استطاع ان يمنعنى عن الصعود الى هذه اللعبة فلن اركبها"
بالنسبة لشخص غريب قد يبدو التحدى مثيرا للضحك بالاضافة الى ذلك قد يرى الشخص الغريب الموقف من منظور عامل مدينة الملاهى قد يوافقه الرأى
فرغم كل شئ يبلغ طول "كايل ماينارد" الواقف بجانب كرسية المتحرك 91 سنتميترا
وينتهى ذراعاه عند مرفقيه وساقاه غير مكتملتى النمو هل سيقدر شخص ما بمثل هذه البنية على الجلوس على مقاعد اللعبة؟
لو كنت"كايل ماينارد" أو احد اصدقائه كنت ستتيقن من انه لا يوجد ما هو مثير للسخرية اكثر من فكرة كونه غير قادر على ركوب لعبة قطار الملاهى و كنت ستأمل من اجل مصلحة اضخم موظف فى مدينة ملاهى "سيكس فلاجر" الا يؤخذ التحدى على محمل الجد لانك بمجرد ان تدخل الى عالم "كايل ماينارد" فانك تعلم ان الاعاقة لا تعنى العجز
عندما حملت " انيتا ماينارد" فى اول مولود لها قام الطبيب باخبارها هى و زوجها "سكوت" بانه ليس بالامكان رؤية ساقى الجنين باستخدام الموجات فوق الصوتية وفى الفحص الثانى اكد الاطباء لأسرة "ماينارد" ان الجنين له اطراف سفلية ثم ولد "كايل ماينارد"
كان تقدير الاطباء مخطئا فى اعتبار ما شاهدوه كأقدام مكتملة النمو لانها كانت عبارة عن زوج من الاقدام المشوهة برزتا اسفل فخد الطفل بالاضافة الى عدم جود يدين له
كانت ذراعاه ضامرتين باختصار تذكرت " انيتا" :"كان فائق الجمال كان وجهه متوردا و شعره اشقر و عيناه زرقاوين و بشرته رائعة"
لم يعرف الزوجان الشابان ماسوف يأتى به المستقبل اذ انهما لم يريا احدا فى مثل بنية "كايل" ولذا قررا الا يسبقا الاحداث و سرعان ما نسيا فكرة ان "كايل" معاق و قال "سكوت" "قام بكل ما يقوم به اى طفل اخر زحف و لعب بالالعاب و بكى و ضحك"
و بالتأكد من ان حالة "كايل" ليست ورائية – وليس من المحتمل ان تظهر فى ذريتهما فى المستقبل – انجب "سكوت" و "انيتا" ثلاثة اطفال اخرين جميعهم بنات و كمالم يبد "كايل" معاقا بالنسبة لوالديه فهو لم يكن شيئا مستغربا بالنسبة لأخواته فكان يلعب معهن مثل اى اخ كبير مشاركا اياهن فى لعبة الغميضة او اللعب بالمسادسات المائية مع اطفال الجيران
نحو طبيعى فإن "كايل" فى هذه الآثناء كان مقيدا بالأطراف المستعارة حيث منعته الساقان من القيام من على الارضية و اشتمل ذراعاه على تجويف مطاطى حتى ابطيه مع وجود اجهزة مثبتة على ظهره لم يكن مستريحا ابدا وفى وقت قراءة القصة بروضة الأطفال قد يجلس "كايل" وزملاؤه على سجادة وحينما يحين وقت العودة الى مقاعدهم فقد يبقى فى الخلف حتى يساعده احد الكبار على النهوض
و ذات يوم قال "كايل" متنهدا " امى انا لا اريد ارتداء هذه الاشياء بعد الآن اود ان اكون قادرا على النزول و اللعب مع الاولاد"
وكانت هذه المرة الاخيرة التى ارتدى فيها الاطراف الصناعية وقالت "أنيتا" معلنة " سنتخلص منها فيمكنه الوثب و التحرك والجلوس فى وقت قراءة القصة ثم العودة الى كرسيه"
ونما "كايل" بلا اطراف وعندما تعلم زملاؤه تلوين الخطوط فعل مثلهم ممسكا بالالوان بين طرفى ذراعيه
وعندما تعلموا الكتابة تدرب على كتابة خط جميل مثله مثل زملائه وللسير لمسافات طويلة وللابتعاد عن القاذورات حصل "كايل" على كرسى متحرك الا انه وضعه جانبا حال تواجده فى المنزل او فى اى موقف يشعر انه من الافضل استغلال جسده الذى منحه الله اياه
وتعلم "كايل" اطعام نفسه بنفسه وذلك بالامساك بالملعقة بين طرفى ذراعيه – حيث يضع واحدة فوق الاخرى- ثم يغرف الحبوب او اى طعام لديه ثم يدير اللعقة و يضع الطعام بآتقان فى فمه وليس هناك اى شئ غير عادى فى ذلك فقط تتطلب المحاولة قدر من التركيز الذى تستغرقة انت فى الفيام بالشئ نفسه مع ذلك ادى "كايل" العملية امام كاميرات التليفزيون ولك ان تتخيل عالما يأتى فيه عدد كبير من الناس الى منزلك ليصوروك و انت تأكل بالملعقة الآن عزيزى القارئ لقد كونت فكرة عن طريقة المعيشة فى عالم "كايل"
فى مرحلة مبكرة تعلمت اسرة "ماينارد" بأكملها استخدام الدعابة و المزاح للتعامل مع الغرباء و ردود افعالهم و اكثر من مرة تحدث "سكوت"و"انيتا" الى الاولاد حول وجوب ان يغفر المرء للآخرين تطلفهم بطبيعتهم مع العلم انهم لهم حدود يجب عدم تجاوزها ابتسمت "انيتا" قائلة " نسمح للناس بأن يحدوقوا لمدة خمس دقائق تقربيا ثم نسأل ذلك الشخص بعنف عما استرعى انتباهه الينا"
وذات مرة على الشاطئ تماى "كايل" و بعض رفاقة فى مزاحهم كثيرا حين انهم وضعوا على اطرافه صوص الطماطم ثم خرجوا مسرعين من المياه صارخين فى جود سمك القرش ولم ترق تلك المزحة للناس
احترف "كايل" كرة القدم فى سن الحادية عشرة اعتقد "سكوت" ان الفكرة جيدة ولكن "انيتا" لم تكن مقتنعة تماما و فى النهاية تسود كلمة رجل البيت و اكتسب فريق المدرسة الاعدادية عضوا جديدا على الرغم من ضآلة جسده
واذا ما شاهدت تسجيلات الفيديو لمباريات "كايل" ستتعجب من قدرة "انيتا" على تحمل ذلك رؤية ابنها يشق طريقه بمشقة فى الوحل الى جانب كل هؤلاء و ستدهش من مدى شجاعة الفتى و قوة عزيمته لم يكن يمتلك زوجا من الاحذية فى حياته مطلقا نظرا لشكل قدميه ففى ملعب كرة القدم كان يرتدى جوارب تعلوها واقية للساق –وسيلة حماية ضعيفة اذا ما قورنت بالاحذية التى ينتعلها الآخرون
وكانت هذه هى المرة الاولى التى بدأ "كايل" يستحوذ فيها على انتباه الناس و الذين صفوه بالشجاعة وكونه مصدرا للالهام و كان ذلك امرا غريبا على "كايل" واسرته اذ انه لم يحاول الهام الآخرين او كسب الشهرة واذاعة الصيت لنفسه كل ما اراده هو ان يلعب كرة القدم فقط وعلى الرغم من ذلك فانه تقبل الامر بسماحة وكان يجيب على اسئلة الاعلام بذكاء و نضج كان يؤدى عرض الملعقة لهم ايضا
وبدا "كايل" تمارين القوى لتقوية ذراعية وجذعه على نحو مثير للاعجاب
قرر ان الرياضة المناسبة له هى المصارعة و فى ذلك الوقت لم يقتنع "سكوت" تماما بالفكرة اذ انه كان مصارعا سابقا فى المدرسة الثانوية ويعلم جيدا ان المصارعة تختلف عن كونه عضوا فى فريق كرة القدم حيث لا تقع الهزيمة على عاتق فرد واحد على وجه الخصوص
اما اذا خسر "كايل" مباراة مصارعة فقد يرجع السبب الى ان خصمة تفوق عليه فى الأداء فهل سيستطيع ان يتعامل مع الأمر؟
وجاءت الاجابة بنعم وعلى مدار موسمين خسر "كايل" المباريات جميعها
عادة ما تستعرف مباريات المصارعة وقتا طويلا ففى بعض الاحيان كان "كايل" يستيقظ فى الخامسة صباحا من اجل احدى المباريات ليخسرها ثم يجلس بلا عمل فى انتظار مباراة مصارعة اخرى فى وقت متأخر بعد الظهيرة ليسخر مرة اخرى كان الامر مثبطا للعزيمة الا انه رفض التوقف و الاستسلام
ولحسن الحظ اتبع "كليف راومس" مدرب "كايل" اسلوبا متفتح العقل ومبدعا فى التعامل مع "كايل" و اعترف "راموس" قائلا " فى البداية لم اعرف كيف اتصرف مع "كايل" ان بنيته الجسمانية مختلفة للغاية ثم شرعنا فى محاولة استلاعل تلك البنية و النظر اليها كميزة لذا اخترعنا بعض الحركات القتالية التى سيستخدم فيها ذقنه و ذرراعيه"
وبدا "كايل" فى الفوز وبالاستعانة بذعة القوى الى حد هائل و بخططه الذكية و اصبح منافسا ذا هيبة و احترام فى فئة وزن 47 كيلو جراما
هكذا وجد الخصوم الذين شعروا بالاشفاق او الاسف تجاهه انهم يهزمون امامه بلا شفقة حتى ان بعض الاباء و المدربين اشتكوا ان "كايل" يتميز عن اقرانه بكونه اكثر قوة منهم
ويبدو الامر مضحكا حتى تعرف ان "كايل" حصل ذات مرة على لقب اقوى مراهق بتأدية حركة الفراشة ثلاثا و عشرين مرة مع تقييد زراعية بأغلال تبلغ وزنها 108 كيلو جرامات
وذات مرة قام بتأديتها بـ 190 كيلو جراما و تدرب بالتدريج حتى وصل الى وزن 226 كيلو جراما عندئذ قال " انا فى حاجة الى بعض الاغلال الأغلظ"
و فى عصر احد ايام الصيف قاد "كايل" سيارة والدته المينى فان للذهاب الى تدريب المصارعة مرتديا الأطراف الصناعية و التى تسمح له بالتحكم فى المكابح بذراعيه و فى المدرسة اكتشف "كايل" انه قد نسى مفتاح المصعد الذى يؤدى بكرسية المترحك الى الطابق الثانى حيث قاعة المصارعة قال " نعم حسنا" واندفع نحو السلم المتسخ و الذى بدا ان فريق الركض لمسافات كويلة قد زاره مؤخرا حيث قد عاد لتوه من التريب
و فيما بعد عند عودته الى المنزل ذكر ذلك لـ "انيتا" معترفا لها بكل شئ فسألته " لماذا لم تطلب المساعدة من احد ليحضر لك مفتاح المصعد " فاجاب "كايل" " لم ارغب فى الانتظار بالاضافة الى ذلك فى بعض الأحيان " عليك ان تقوم بما يجب عليك القيام به""
تلك العبارة الخاصة هى احدى العبارات المتكررة على لسان "كايل" بل انه ق يعيد على مسامعك تلك العبارة " اعلم ما يمكننى القيام به وسأقوم بفعله"
كانت جديته – بمثابة مصدر الهام للجميع لانها نابعة من صورة ذاتية راسخة كالجبال وخالية تماما من الاشفاق او الرثاء للنفس
وتسلطت الأضواء مرة اخرى على "كايل" عند اقتراب نهاية مشواره بالمدرسة الثانوية عندما اصبح مميزا فى فريق الجماعة للمصارعة ففى لعبة كرة القدم كان السماح له باللعب و فى احدى المباريات اقترب رجل فى منتصف العمر من "سكوت" لقد شاهد "كايل" على شاشة التليفزيون واراد مقابلته لأن "كايل" انقذ حياته
تأثر الرجل و الذى كان يعانى من السمنه و السكرى و الامراض و الاكتئاب بموقف "كايل" الايجابى وغير حياته الى الأحسن و اخبر "سكوت" قائلا " ان ابنك مضاد بشرى للاكتئاب"
وبانتهاء موسمه الاخير استمر "كايل" فى موضعه ضمن صفوة المصارعين فى جنوب شرق البلاد واحتل المركز الثانى على مستوى الاقليم و اثناء الشهر الذى سبق لبطولة الدولة كان يمكث كل ليلة بصالة التمرين لمدة ساعتين او اكثر بعد انتهاء التدريب و بعد ان يعود زملاؤه فى الفريق الى منازلهم و يظل يتدرب بأقصى جهد كان هدفه كل مساء كما قال " الايركن الى كرسية المتحرك بسبب الاعياء" وفى بطولة الدولة لقى هزيمتين مفجعتين ولكن نظرا لسجله الحافل منح استثناء بالسماح له باللعب فى البطولة الوطنية للمصارعة حيث انتهى به التصنيف ضمن الاثنى عشر الأوائل
واعترف "كايل" بالدهشة الحقيقة جراء الانتباه الذى لقيه نظرا لكونه على حد تعبيره مجرب "لاعب رياضى عادى فى المدرسة الثانوية" ولقد اوضح بعد شهرين من تخرجه من موقفه كمتحدث فى أحد المنتديات الخاصة بالمعاقين انه ليس هناك اعذار حيث اخبر الجمهور قائلا " من الممكن لأى شخص ان يتغلب على العقبات ويحقق احلامه"
فى اغسطس عام 2004 بدأ "كايل" الدراسة بجامعة جورجيا –حيث انه انهى المدرسة الثانوية و حصل على درجات عالية ويمكنه كتابة خمسين كلمة فى الدفيفة على الكمبيوتر باستخدام اطراف صناعية عند نهاية ذراعية- ونظرا لأن الجامعة ليس بها فريق دورى فقد اشترك فى نادى المصارعة فهو يريد ان يستكمل دراسة الخطابة وعلم النفس الرياضى وربما يصبح مدربا او مديرا لاحد المراكز الخاصة باللياقة البدنية
وذات مرة حكم احد القضاة على صبى مظطرب السلوك بأن يقضى يوما مع "كايل" ليتعلم شيئا عن المحن و الشدائد وكان هذا الصبى يعانى من مشاكل نفسية بسبب انفصال والديه قد تم فصله من المدرسة بسبب الشجار وهكذا ضل طريقه وعلى الرغم من ذلك كان "كايل" هو المتسفيد من فضاء هذا الصبى يوما معه حيث عرف المعنى الحقيقى للمعاناة و المشقة
علق "كايل" على الامر قائلا " يعتقد الناس اننى احيا حياة سيئة انظر الى حياتى بالمقارنة بحياة ذلك الطفل فانا لدى اسرة جميلة تحبنى كل شخص لديه صراعاته و معاناته الا ان معاناتى تعتبر اكثر وضوحا للعيان"
بمجرد ان تفهم ذلك ستصبح فردا فى عالم "كايل" ان السحر الذى يمكن فى "كايل" يتمثل فى قدرته على ان يجعلك تؤمن بانك لو كنت فى موضعة كنت ستقوم تماما بما قد فعل
الان اعلم انك بدات تنظر لـ "كايل" على انه شخص عادى الا ان هذا لا يقلل من شأنه ومن مدى تميزة فتميزه ينبع من قدرته على التصرف وكانه شخص عادى وعندما يقنعك بذلك فانك تبدا ان ترى نفسك و الناس من حولك كقوى طبيعية لا يمكن كبحها او ايقافها نحن جميعا فى حاجة الى تذكر ذلك مرة كل حين
لدى كل شخص تحديات فما من احد معفى منها الا ان الدرس الذى علمناه اياه "كايل" انه ليس من المفيد ان نجلس بلا عمل و نكتفى بالشكوى فبدلا من ذلك تفهم نوع العقبة التى تواجهها و تقبلها و ابحث عن طريق للتغلب عليها و هكذا سعى وفعل ما "عليه القيام به"
من كتاب " نجاحات يومية عظيمة"
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق